فخ الندرة

متوسط7/23/2025, 10:08:56 AM
لا تكتفي المقالة باستعراض جذور هذه العقلية، كحالات القلق والصدمات التي يتعرض لها الأفراد في الطفولة فيما يتعلق بالمال، بل تقارن أيضًا بين أنماط السلوك لدى المتداولين الذين يتبنون عقلية الندرة وأولئك الذين يتبعون عقلية الوفرة، مع التركيز على الفروقات الجوهرية في أساليب اتخاذ القرار لديهم.

تنويه: هذه ليست نصيحة مالية.

احتفظت بمركزي في عملة الإيثريوم عند نقطة تعادل تقريبية لمدة تقترب من عامين. مال جامد دون حركة. بقي ساكنًا في محفظتي بينما بقية السوق يحقق مكاسب متتالية.

رسم بياني مشؤوم بحق

الآن بدأت تظهر بعض الأرباح المعقولة أخيرًا، لكن ذلك لا يغير حقيقة أنه كان من أسوأ صفقاتي على الإطلاق. ليس بسبب توقيت الدخول أو صحة الفرضية، بل لأني لم أستطع اتخاذ قرار بإنهاء الصفقة وإعادة توظيف رأس المال في مكان أكثر إنتاجية.

هذه هي عقلية الندرة في أبهى صورها. كنت أخشى فكرة "الاستسلام" إلى حد أني فضلت تجميد أموالي لعامين بدل الاعتراف بالخطأ والبحث عن فرصة أفضل.

يمكنك ملاحظة ذلك في كل مكان. كثير من المتداولين يدمرون نتائجهم ليس لعجزهم عن قراءة السوق أو اختيار نقطة الدخول، بل لعجزهم عن اتخاذ قرارات مالية واضحة وسليمة.

أعرف متداولًا حقق مليوني دولار في موجة صعود 2021. خسرها كلها بحلول 2022. وآخر باع كل ما يملك عند أول هبوط بنسبة 30%، ليشاهد الأصل يرتفع خمسين ضعفًا بينما بقى هو في العملات المستقرة. نفس البرمجة النفسية، لكن السيناريوهات تختلف.

راقب أي متداول لفترة كافية وسترى النمط نفسه. يحقق مكاسب ثم يدمرها بنفسه لعجزه عن الثقة بقراراته. صعود 40% يتحول إلى خسارة 20% بسبب التشبث بالمركز. صفقة ترتفع عشرة أضعاف تُباع عند نقطة التعادل لعدم الثقة باستمرار الارتفاع. من يتمسك بعملة عديمة القيمة حتى الإفلاس هو ذاته من يبيع الرابح القادم بذعر لأنه نشأ على عبارة "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة".

جربت جميع السيناريوهات. لم أكن من المتعصبين للتمسك الأعمى، ولا من المذعورين بالبيع المبكر، لكن رأيت فرصًا جيدة تضيع بما يكفي لأدرك النمط الحقيقي. أحيانًا احتفظت طويلًا، وأحيانًا بعت مبكرًا. ولم يكن سبب ذلك استراتيجيتي أو تحليلي.

بل كان الخوف.

لم تكن قناعة. لم يكن انضباطًا. لم يكن إيمانًا بالتكنولوجيا.

وربما يبدو ذلك مبتذلًا، لكنه مرتبط بصدمات الطفولة غالبًا.

القفص غير المرئي

معظم أخطاء التداول ليست إلا قصصًا عن الندرة. كل تغريدة "تمسك رغم الألم"، وكل رسالة "بعت مبكرًا" في مجموعات المتداولين، تعكس قناعات موروثة بأن الفرص لا تتكرر. عادةً ما يكون المتداول غير القادر على اتخاذ قرارات واضحة شخصًا تشكلت لديه منذ الصغر فكرة أن المال مورد نادر وثمين ويجب استغلال كل فرصة.

غالبية المتداولين الذين أعرفهم نشؤوا في بيئات متوسطة الدخل، يراجعون حساباتهم المصرفية قبل التسوق، ويشهدون نقاشات الأهل حول فواتير المنزل. يصبح كل دولار ثمينًا لأن البديل غير مضمون.

هذا الإرث يرافقك في التداول.

تخيل: تحقق مكسبًا بنسبة 40% في صفقة. يبدأ تفكيرك المحدود بالحساب: "لو انتظرت أكثر، قد تتحول هذه الأرباح لتغيير كبير في حياتي." فتحتفظ. وتنتظر. ثم تذوب الأرباح لأنك لم تقتنع بأن 40% كافية.

أو على العكس: تحقق مكسبًا 40% ويهمس تفكيرك المحدود: "خذ الربح فورًا، قد لا تتكرر الفرصة." فتبيع سريعًا، وترى الأصل يقفز إلى 400% وأنت تعاتب نفسك لأنك لم تثق بالخطة.

عقلية الندرة تفضل استمرار الصدمة المالية على التحرر المالي.

الردان يصدران من نفس المكان: الاعتقاد بأن الفرص نادرة للغاية ومحدودة.

درس علماء الاقتصاد السلوكي هذا السلوك لعقود. من ينشأ تحت ضغط مالي تبرمج دماغه لرؤية كل قرار مالي على أنه مصيري وخطير. برامجك النفسية القديمة تدير تداولك اليوم، وغالبًا ما تكلفك الكثير.

عدم تماثل الوفرة

في المقابل، هناك نوع آخر من المتداولين في هذه الأسواق. غالبًا نشؤوا في بيئة مالية مستقرة أو ميسورة نسبيًا. يقررون بلا تردد، يحتفظون بالرابحين ويوقفون الخاسرين ويحددون أحجام صفقاتهم بدقة. لا عواطف. لا دوامات "ماذا لو".

هؤلاء مقتنعون بأن الفرص دائمًا متجددة. كثير منا لا يملك هذه القناعة.

المتداول ذو عقلية الوفرة يفكر: "سأترك الرابح يستمر وأدير مخاطري بحكمة. دائمًا هناك صفقة جديدة." أما متداول الندرة فيتصور: "هذه فرصتي الوحيدة للحرية المالية، فيجب أن أؤمن الأرباح بسرعة أو أتمسك بها حتى النهاية."

واحدة من هاتين العقليتين تبني ثروة، والثانية تزرع القلق.

لماذا يتخذ الجميع قرارات خاطئة

أغلى كذبة في عالم العملات الرقمية ليست "التشبث الأعمى" أو "جني الأرباح دائمًا"، بل أن هناك إجابة واحدة صحيحة لكل صفقة.

الحقيقة أننا مدفوعون بالخوف. خوف من فوات الفرصة. خوف من اتخاذ القرار الخاطئ. خوف أن الفرصة لن تتكرر عند أول خطأ.

سترى هذا في كل مكان. هناك من يُعرَفون بـ"المبالغين" في التداول: يعجزون عن اتخاذ قرارات واضحة لأن كل صفقة يجب أن تكون الفارقة. يحتفظون بالصفقات الرابحة حتى تتحول لخاسرة. يبيعون الرابحين مبكرًا ثم يندمون. يضيفون للمراكز بدلًا من إدارة المخاطرة. يتعاملون مع كل قرار كأنه مصيري ونهائي.

هم يتداولون صدماتهم النفسية، لا معطيات السوق.

الثمن الحقيقي للتفكير المحدود

عقلية الندرة لا تقيد تداولك فحسب؛ بل تؤثر على علاقتك بالمال والفرص بشكل عام.

حققت ذات مرة عائدًا خمسة أضعاف ولم أستطع جني أي ربح. شاهدته يتراجع إلى نقطة التعادل خلال ثلاثة أشهر بسبب شلل الخوف من "البيع المبكر". كما قمت ببيع رابحين عند مكسب 30% ثم ارتفعوا عشرة أضعاف لأن نفسيتي لم تقنعني أنني أستحق هذا الربح.

عقلية الندرة تخلق أنماطًا محددة من التخريب الذاتي:

شلل القرار – تعجز عن اختيار الوقت المناسب للشراء أو البيع أو الاحتفاظ، لأن كل قرار يبدو وكأنه قنبلة موقوتة. فتتجمد بدل إدارة المخاطر بمرونة.

التفكير الثنائي – ترى كل صفقة إما "احتفاظ للأبد" أو "جني أرباح فورًا". لا تستطيع توزيع المراكز تدريجيًا لأنك لا تثق بقراراتك المتكررة.

تشويه صورة المخاطر – إما أن تخاطر بكل ما لديك أو لا تخاطر بأي شيء. تعجز عن بلوغ منطقة الوسط التي تُبنى فيها الثروة الحقيقية.

حيلة الوفرة

الحل ليس بالضرورة العلاج النفسي أو التأمل – رغم أن التأمل مفيد – بل إقناع الدماغ بأن المال مورد متجدد، لا محدود.

ابدأ بسؤال نفسك: "كيف سيتصرف من يملك عشرة ملايين دولار هنا؟". بالتأكيد لن يحتفظ بخسائر 80% لأنه "يؤمن بالتقنية"، ولن يبيع عند أول 20% من موجة الصعود خوفًا من التقلب.

المتداولون الكبار وذوو الخبرة لا يتأثرون عاطفيًا بكل صفقة. يفكرون بإدارة المخاطر وتوزيع المراكز لا بالعائد المطلق. يفضلون اتخاذ قرارات عقلانية متسقة بدل مطاردة الكمال.

ما الذي ينجح فعليًا

هذا ما وددت لو أخبرني به أحد قبل خمس سنوات، وهو فعلاً ما ينجح مع المتداولين المحترفين:

فكر في سيناريوهات متعددة، لا في قرار واحد قاطع. حدد أهداف أرباح ومخاطر متنوعة قبل دخولك الصفقة. لا تدع عقلية الندرة تدفعك للاعتقاد أنه لا يوجد إلا خيار واحد صحيح.

وزع صفقاتك كأنك تمتلك ثروة. لو تملك مليون دولار، هل ستخاطر بكل رأس المال في عملة واحدة؟ فلماذا تفعل ذلك عندما يكون حسابك عشرة آلاف دولار؟

مارس إدارة المخاطر الديناميكية. جني بعض الأرباح عندما ترتفع كثيرًا. زد مراكزك عند صحة الرؤية. أوقف الخسارة سريعًا عند الخطأ. توقف عن جعل كل قرار خطًا لا عودة منه.

احسب تكلفة الفرصة. كل مبلغ عالق في صفقة راكدة هو مبلغ معطل عن النمو في مكان آخر. كل مبلغ تبيعه بذعر قد يفقد فرصة التراكم والنمو.

تأثير التراكم

التفكير بعقلية الوفرة يحقق عائدًا أكبر من عقلية الندرة. محاولة جعل كل صفقة مثالية تؤدي عادةً لعدد أقل من الصفقات الجيدة.

عندما تبدأ التفكير بعقلية الوفرة، تتحسن قراراتك: تجني أرباحًا في الوقت المناسب، تدع الربح يستمر، توقف الخسائر، تنتظر الفرص المثلى، تتوقف عن التداول الانتقامي أو الانجرار وراء موجات السوق في أوقات الذروة.

هذه القرارات الصغيرة تتراكم مع الوقت. بتبديل دورة الازدهار والانهيار الناتجة عن التفكير المحدود إلى بناء ثروة منتظمة ومستدامة.

السوق يكافئ الصبر والانضباط والتخطيط الاستراتيجي، ويعاقب التصرف بدافع اليأس، أو الطمع، أو الاندفاع العاطفي. عقليتك هي التي تحدد وجهتك النهائية.

كسر الحلقة

لا زلت أواجه ذلك حتى اليوم. رغم كبر الحساب وزيادة الخبرة، أجد نفسي أحيانًا أتخذ قرارات مبنية على الخوف وليس المنطق. برمجة الندرة متجذرة داخلي.

لكنني طورت القدرة على رصد ذلك. وألاحظ النمط ذاته لدى كل متداول انتقل من الخسارة المستمرة إلى الربح المتواصل.

أول خطوة هي الاعتراف بوجود عقلية الندرة لديك. الأمر ليس ذنبك – بل نتيجة برمجة الطفولة المالية. لكنه في النهاية مسؤوليتك أنت لمعالجة ذلك.

التعافي والفوز

علاقتك بالمال تشكلت منذ الطفولة، وغالبًا ما تكلفك المال مع كل صفقة جديدة. عقلية الندرة ليست سوى فكر الفقر في عباءة استراتيجية.

علمتني التجارب الصعبة هذا الدرس. الخسائر التي سببتها قرارات مبنية على الخوف فاقت بكثير ما خسرته بقرارات منطقية. حولت صفقات رابحة إلى خاسرة بسبب الإفراط في التفكير أكثر مما فعلته حين التزمت بالخطة.

وهذا النمط يدمر المتداولين أكثر من أي تحليل تقني ضعيف أو انهيار في السوق.

برمجة الطفولة ليست قدرك في التداول. يجب أن تدرك أن عدوك الحقيقي هو عقليتك المحدودة. ليس السوق، ولا كبار المستثمرين، ولا التلاعب.

عقلك المحدود هو السبب في بقائك دون تحقيق الثروة.

عالج ذلك أولًا، فكل ما عدا ذلك مجرد أدوات مساعدة.

بيان إخلاء المسؤولية:

  1. هذا المقال منقول من 0xVKTR. كافة حقوق النشر محفوظة للكاتب الأصلي 0xVKTR. إذا كان لديكم أي اعتراض على إعادة النشر، يرجى التواصل مع فريق Gate Learn وسيتم التعامل مع الأمر فوراً.
  2. بيان إخلاء المسؤولية: الآراء والأفكار الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل نصيحة استثمارية من أي نوع.
  3. ترجمة هذا المقال إلى اللغات الأخرى قام بها فريق Gate Learn. ما لم يرد خلاف ذلك، يُحظر نسخ أو توزيع أو اقتباس المقالات المترجمة.
ابدأ التداول الآن
اشترك وتداول لتحصل على جوائز ذهبية بقيمة
100 دولار أمريكي
و
5500 دولارًا أمريكيًا
لتجربة الإدارة المالية الذهبية!